الحمد لله رب العالمين حمدا لا منتها لعدده حمدا يليق بجلال وجهه وأشهد أن لا إله إلا الله وده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قد يلقى الشيطان فى نفس المؤمن سؤالا عندما يقرأ هذه الآيات من كتاب الله :
( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين)
( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل )
( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون)
( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون )
( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين )
( خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين )
( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون )
وهذا السؤال هو لماذا لم يجعل الله الناس كلهم مؤمنين ما دام أن إيمان كل الناس تابع لمشيئة الله؟
والجواب هو:
ليس فى الكون حركة ولا سكون ولا خير ولا شر ولا أفعال اضطرارية (كدق القلب وجريان الدم فى العروق وحركة المعدة والأمعاء ونحو ذلك وكذلك ولادة الإنسان وموته )
ولا أفعال اختيارية ( كالصلاة والصيام والطاعة والمعصية والزنا وشرب الخمر والقتل وسائر الحركات الإرادية )
للمخلوقين إلا بمشيئة الله وقدرته فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
والإرادة نوعان : 1 إرادة كونية أي بها تكون الأشياء (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)
وهذه تشمل كل الموجودات خيره وشرها ما أحب الله منها وما أبغضه ما مدحه وما ذمه فهو الذي أراد وجود
إبليس وأبى لهب وفرعون ووجود الشر وهو يبغض كل ذلك كما انه الذي أراد وجود الملائكة والأنبياء والمؤمنين وكل الخير وهو يحب ذلك وخلق كلا لحكمة يعلمها وقد يطلع بعض خلقه على بعضها .
2 إرادة شرعية أى ما يأمر الله به من الطاعات وما ينهى عنه من المعاصي وهذه تشمل كل ما يحبه الله
ويرضاه سواء أوجد أم لم يوجد
والحساب والثواب والمدح والذم والحب والبغض ودخول الجنة والنار يكون بناء على هذه الإرادة فمن وافقها
وعمل بشرع الله كان من أهل الجنة ومن خالفها فهو من أهل النار
والإرادتان : الشرعية والكونية تجتمعان في إيمان المؤمن فهو مؤمن بتوفيق الله له ومشيئته له الإيمان وهو يعمل بطاعة الله وما أراد الله منه
ويفترقان فى كفر الكافر فهو كافر بمشيئة الله ليس قهرا على الله وهو مخالف لما أراد الله منه (الإرادة الشرعية)
وللعباد قدرة ومشيئة بها تقع أفعالهم والله خالقهم وخالق مشيئتهم وهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله
وخلق أفعال العباد ومشيئتهم لا يعنى إلغاء هذه المشيئة بل هى موجودة مخلوقة ولكن مشيئة الله فوق ذلك
ومشيئته سبحانه تنفذ فيهم من خلال ما يفعلون بأنفسهم ومشيئتهم
ومشيئة العباد لها أثر فى أفعالهم بها تقع تلك الأفعال وهذا هو الكسب ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)
ويمكن أن نمثل لأثر إرادة الإنسان وقدرته فى فعله بمثال : فالأب والأم سبب لوجود الولد ولهما أثر فى إيجاده
وليسا خالقين له بل الله خالق الثلاثة ولكنه خلق الولد من أبويه ولا يمكن لعاقل أن ينكر أثر القدرة والأرادة فى وجود الفعل كما لا ينكر أثر الوالدين فى وجود الولد .
وهو سبحانه الذى أقدر العباد وجعلهم يشاؤون وخلق قدرتهم وأفعالهم ومشيئتهم وهو يعذب من يعذب منهم
وهو غير ظالم لهم لأنه أعطاهم القدرة والإرادة وأرسل الرسل وأنزل عليهم كتبه وأقام عليهم الحجة بالشرع
وهم كانوا سببا فى وجود أعمالهم فلو أن الأب والأم ألقيا بابنهما الرضيع فى الطريق وقالو من خلقه فهو يرزقه لكانا بإجماع العقلاء مجرمين لعدم تحملهما المسئولية عمن كانا سببا فى وجوده مع اليقين بأنهم فعلا لم يخلقاه ولا يرزقانه ولكنهما مع ذلك مسؤولان عنه فكذلك الإنسان مسؤول عن عمله وإن لم يخلقه.
والإنسان ميسر لما خلق له ليس مسيرا بمعنى أنه لا إرادة له ولا اختيار
وليس بمخير بمعنى مطلق الاختيار لا سلطان لله على قلبه ومشيئته بل إن كلا من الجبر والاختيار المطلق باطل
فالجبر طعن فى التشريع
ونفى مشيئة الله طعن فى التوحيد
(أعملوا فكلا ميسر لما خلق له) رواه البخاري ومسلم
والأخذ بالأسباب واجب والاعتقاد فيها شرك ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله) جزء من حديث رواه مسلم
والعبد فاعل ومنفعل أى هو يفل فعله ويخلق الله ما أراد فمثلا العبد مهتد والله هداه والعبد مصل وصائم والله أقامه بين يديه ووفقه للصوم طاعة له وفرعون خرج فى طلب موسى وبنى إسرائيل والله أخرجه كما قال
(فأخرجناهم من جنات وعيون)الشعراء:57
والله لا يظلم عباده أبدا بل لا يحاسبهم إلا على ما صدر منهم ولا يهلكون إلا بذنوبهم ولو عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم
والله من أسمائه الحكم والعدل (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) النساء:40
والله( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) الأنبياء:23
إذ لا يفعل شيئا إلا بحكمة وعلم وقدرة ومشيئته سبحانه وتعالى.
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على اشرف الخلق
محمد الصادق الامين
وأشهد أن محمد عبده ورسوله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قد يلقى الشيطان فى نفس المؤمن سؤالا عندما يقرأ هذه الآيات من كتاب الله :
( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين)
( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل )
( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون)
( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون )
( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين )
( خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين )
( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون )
وهذا السؤال هو لماذا لم يجعل الله الناس كلهم مؤمنين ما دام أن إيمان كل الناس تابع لمشيئة الله؟
والجواب هو:
ليس فى الكون حركة ولا سكون ولا خير ولا شر ولا أفعال اضطرارية (كدق القلب وجريان الدم فى العروق وحركة المعدة والأمعاء ونحو ذلك وكذلك ولادة الإنسان وموته )
ولا أفعال اختيارية ( كالصلاة والصيام والطاعة والمعصية والزنا وشرب الخمر والقتل وسائر الحركات الإرادية )
للمخلوقين إلا بمشيئة الله وقدرته فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
والإرادة نوعان : 1 إرادة كونية أي بها تكون الأشياء (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)
وهذه تشمل كل الموجودات خيره وشرها ما أحب الله منها وما أبغضه ما مدحه وما ذمه فهو الذي أراد وجود
إبليس وأبى لهب وفرعون ووجود الشر وهو يبغض كل ذلك كما انه الذي أراد وجود الملائكة والأنبياء والمؤمنين وكل الخير وهو يحب ذلك وخلق كلا لحكمة يعلمها وقد يطلع بعض خلقه على بعضها .
2 إرادة شرعية أى ما يأمر الله به من الطاعات وما ينهى عنه من المعاصي وهذه تشمل كل ما يحبه الله
ويرضاه سواء أوجد أم لم يوجد
والحساب والثواب والمدح والذم والحب والبغض ودخول الجنة والنار يكون بناء على هذه الإرادة فمن وافقها
وعمل بشرع الله كان من أهل الجنة ومن خالفها فهو من أهل النار
والإرادتان : الشرعية والكونية تجتمعان في إيمان المؤمن فهو مؤمن بتوفيق الله له ومشيئته له الإيمان وهو يعمل بطاعة الله وما أراد الله منه
ويفترقان فى كفر الكافر فهو كافر بمشيئة الله ليس قهرا على الله وهو مخالف لما أراد الله منه (الإرادة الشرعية)
وللعباد قدرة ومشيئة بها تقع أفعالهم والله خالقهم وخالق مشيئتهم وهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله
وخلق أفعال العباد ومشيئتهم لا يعنى إلغاء هذه المشيئة بل هى موجودة مخلوقة ولكن مشيئة الله فوق ذلك
ومشيئته سبحانه تنفذ فيهم من خلال ما يفعلون بأنفسهم ومشيئتهم
ومشيئة العباد لها أثر فى أفعالهم بها تقع تلك الأفعال وهذا هو الكسب ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)
ويمكن أن نمثل لأثر إرادة الإنسان وقدرته فى فعله بمثال : فالأب والأم سبب لوجود الولد ولهما أثر فى إيجاده
وليسا خالقين له بل الله خالق الثلاثة ولكنه خلق الولد من أبويه ولا يمكن لعاقل أن ينكر أثر القدرة والأرادة فى وجود الفعل كما لا ينكر أثر الوالدين فى وجود الولد .
وهو سبحانه الذى أقدر العباد وجعلهم يشاؤون وخلق قدرتهم وأفعالهم ومشيئتهم وهو يعذب من يعذب منهم
وهو غير ظالم لهم لأنه أعطاهم القدرة والإرادة وأرسل الرسل وأنزل عليهم كتبه وأقام عليهم الحجة بالشرع
وهم كانوا سببا فى وجود أعمالهم فلو أن الأب والأم ألقيا بابنهما الرضيع فى الطريق وقالو من خلقه فهو يرزقه لكانا بإجماع العقلاء مجرمين لعدم تحملهما المسئولية عمن كانا سببا فى وجوده مع اليقين بأنهم فعلا لم يخلقاه ولا يرزقانه ولكنهما مع ذلك مسؤولان عنه فكذلك الإنسان مسؤول عن عمله وإن لم يخلقه.
والإنسان ميسر لما خلق له ليس مسيرا بمعنى أنه لا إرادة له ولا اختيار
وليس بمخير بمعنى مطلق الاختيار لا سلطان لله على قلبه ومشيئته بل إن كلا من الجبر والاختيار المطلق باطل
فالجبر طعن فى التشريع
ونفى مشيئة الله طعن فى التوحيد
(أعملوا فكلا ميسر لما خلق له) رواه البخاري ومسلم
والأخذ بالأسباب واجب والاعتقاد فيها شرك ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله) جزء من حديث رواه مسلم
والعبد فاعل ومنفعل أى هو يفل فعله ويخلق الله ما أراد فمثلا العبد مهتد والله هداه والعبد مصل وصائم والله أقامه بين يديه ووفقه للصوم طاعة له وفرعون خرج فى طلب موسى وبنى إسرائيل والله أخرجه كما قال
(فأخرجناهم من جنات وعيون)الشعراء:57
والله لا يظلم عباده أبدا بل لا يحاسبهم إلا على ما صدر منهم ولا يهلكون إلا بذنوبهم ولو عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم
والله من أسمائه الحكم والعدل (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) النساء:40
والله( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) الأنبياء:23
إذ لا يفعل شيئا إلا بحكمة وعلم وقدرة ومشيئته سبحانه وتعالى.
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على اشرف الخلق
محمد الصادق الامين
